ذكريات يوم الارض 76 في قريتي المشهد
في ساعات الصباح كنا قد تجمعنا بلا ترتيب مسبق أمام المدرسة الابتدائية و ( لم يكن غيرها مدرسة في القرية / المدرسة تظهر بالصورة ), وقررنا تعطيل الدراسة , و نحن تخرجنا قبل ذلك بسنوات .
كنت انا عمر ي 19 سنة و الحاج مرعي مرعي رحمه الله و مازن سليمان (ابو الخير )و احمد ياسين ربيع ( ابو الامين ) و عبدالله محسن علي ( ابو بلال), و لا يحضرني من كان معنا سوانا , ودخلنا الصفوف و اخرجنا الطلاب تنفيذاً لقرار الاضراب ,وكانت مجموعة كبيرة من الشباب على الشارع الرئيسي , ونزلنا الى الشارع مسلحين بالحجارة .
وكانت تمر سيارات تنقل الجرحى من قرية (كفر كنا )وغيرها وكان بداخلها يلوحون لنا بالقمصان التي صبغتها الدماء .وكان منظر الملابس الغارقة بالدم كافياً ليلهب بالجموع و يقدح شرارة المواجهة مع الشرطة , التي احتشدت في مدخل البلد حيث كنا نتظاهر ,كنا نغلق الشارع بالحجارة و تفتحه الشرطة و تطاردنا وتعيد الكرة تلو الكرة .
وكان قسم من المناضلين يجلسون و يحتسون القهوة في بيت الحاج مرعي مرعي رحمه الله و يحاولون اعادتنا للبيوت , و لكن هيهات , فقد اندلعت الشرارة ,, وراى الكل الدماء فاشتعلت الاجواء…..
من سخرية القدر يومها ان الحاج مرعي مرعي رحمه الله بيننا يشاركنا التظاهر و الاحتجاج وجمع من المناضلين يجلسون في شرفة بيته و ساحته يراقبون الاحداث و يتابعونها.
مر يوم وكان حصاده ستة شهداء , وتم اعتقالنا وبقينا في معتقل المسكوبية في الناصرة لمدة اسبوع , وخرجنا بعدها بكفالة المجلس المحلي او رئيس يومها المرحوم (صالح سليم سليمان ابو عبدالله ).
خلال مكوثنا في معتقل المسكوبية كانت اشعار درويش تغطي جدران المعتقل , ورسخ في ذهني قول درويش :
يادامي العينين و الكفين ان الليل زائل
لا غرفة التحقيق باقية و لا زرد السلاسل
وكان لهذا الكلام اثره في النفس , ومن يومها بدات رحلتي يالشعر و الكتابة
في يوم الارض دار نقاش بيننا و بين مناضل عريق يومها ,حول يوم الارض و صواب فعلنا و تظاهرنا من عدمه ,
وكان جوابه لي حرفياً:
نحن دعونا الى اضراب صامت , ولم ندع الى مظاهرات .
هذا مختصر يوم الارض 1976 في المشهد